قصور كفاءة القائمين على التطوير والتنفيذ
لايكفي حماس الدول والجهات المشرفة على التعليم وتوافر الخطط الإستراتيجية وتوافر الإمكانات المادية لنجاح عمليات التطوير ، إذا لا بد من توافر الكفايات اللازمة للقيام برسم الخطط التشغيلية وقيادة برامج التطوير وتنفيذها وفقًا لما رسم لها من إجراءات وصولاً إلى تحقيق غاياتها الإستراتيجية ،
فالكثير من برامج التطوير الجزئية للتعليم والتي لا تأخذ في الاعتبار شمول التطوير رفع كفايات القائمين على عمليات التنفيذ يكون مصيرها الفشل في الكثير من الحالات وفي وطني مثال حي لمثل هذه الممارسات التطويرية المنقوصة فقد عمدت وزارة التعليم قبل عقد من الزمن إلى إقرار مشروع التقويم المستمر في المرحلة الإبتدائية لكنها لم تكمل متطلبات تنفيذ المشروع على الرغم من أهميته وجودته ، حيث غاب في المشروع تدريب المعلمين على تنفيذ برامجه وفقًا لما رسم لها من إجراءات وخطوات وعمليات فكانت الممارسات الميدانية الخاطئة سببًا في تراجع نتائجه بل إلى فشله في نظر الكثير من الخبراء والمتابعين وأولياء الأمور ، ولعل بيت الخبرة الذي أسند إليه تقويم المشروع قد أثبت هذه النتيجة المحزنة والسبب الرئيس الذي أدى إلى ذلك هو عدم العناية بالتطوير الشامل وفق خطة إستراتيجية رصينة تأخذ في الاعتبار كل المؤثرات الداخلية والخارجية وتتلافى النقص المتوقع تأثيره في النتائج ، فقصور كفايات القائمين على التطوير وعلى تنفيذ برامجه ومشروعاته لا شك أنه من المعوقات الرئيسة لنجاح عمليات تطوير التعليم ، وقد تأكد ذلك في تعميم المشروع الشامل لتطوير المناهج والذي قصرت فيه وزارة التعليم عن تدريب المعلمين أيضًا لتنفيذه وفقًا لاستراتيجيات التدريس الملائمة ، فجاءت النتيجة المتوقعة في انخفاض مستوى تحصيل الطلاب الدراسي في التعليم العام ما دعا الكثيرين من الخبراء إلى المناداة بإعادة النظر في جدوى المشروع ومنتجاته في غياب تدريب المعلمين على التعامل معها في المدارس ، وهكذا في جميع برامج تطوير التعليم التي تغفل متطلب رفع كفايات القائمين عليها والمنفذين لها أو تقصر فيها ، حيث تفضي إلى نتائج لا تحقق الطموحات والآمال المجتمعية في أغلب الأحيان ، ولكي تتلافى وزارة التعليم المعاصرة والمستقبلة هذا المعوّق فإن عليها الاهتمام بشمول التطوير القائم على التخطيط الاستراتيجي الرصين ورفع كفاءة القائمين على التخطيط والتنفيذ بما يضمن نجاح عمليات التطوير المستقبلة بإذن الله، فتدريب المعلمين على الطرائق والأساليب وتوفير الأدوات والوسائط التعليمية التي تتطلبها عمليات التطوير في المناهج وأساليب التقويم مطلب من مطالب نجاح مخرجات التطوير المأمولة ، إذ كيف يمكن تنفيذ التقويم المستمر بطرق التقويم التقليدية أو بطرق وأساليب لا تحقق الهدف المنشود ؟ وكيف يمكن تنفيذ مناهج تم بناؤها وفقًا للنظرية البنائية وأسلوب التكامل بأساليب وطرق تقليدية تركز في جل عملياتها على التلقين التقليدي واستخدام أساليب التقويم في مستويات المعرفة الدنيا ؟
إن التطوير الشامل في التعليم في نظر الخبراء التربويين هو التطوير الذي يجعل كفاءة القائمين على عمليات التنفيذ من أولوياته وضمن خطط التطوير الرئيسة ولا يدلف المعنيون في التجريب ولا في التعميم للمناهج المطورة أو الأساليب التعليمية قبل التأكد من جاهزية القائمين على التنفيذ من إداريين ومعلمين ، فشمول التطوير للمدخلات بتنوعها سبب من أسباب نجاح عمليات التطوير لمن يريد أن يحدث أثرًا فاعلاً في مخرجات التعليم ، ولعل القائمين على عمليات التطوير في المستقبل يهتمون بشمول التطوير رفع كفاءة القائمين على التطوير والتنفيذ بإعادة التأهيل والتدريب بالجودة المأمولة.