معرفة حدود الله
أمر الله عز وجل بأداء الحقوق، وحفظها، وملازمة ما أحله لعباده، وما فصله من الشرائع، وعدم الاعتداء في الواجبات بالزيادة فيها أو التقصير، وسماها حدود الله فقال تعالى: {وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ} [التوبة: 112]، وقال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229]. كما أمر بترك المحرمات الظاهرة والباطنة، وسماها حدود الله، فقال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] . فإن قوله: {فَلا تَقْرَبُوهَا} نهي عن فعلها، ونهي عن مقدماتها وعن أسبابها الموصلة إليها والموقعة فيها.
فإذا عرف المسلم الواجبات والحقوق على وجهها الذي أمر الله به، سهل عليه أداؤها، وكذلك إذا عرف النواهي وما يدخل فيها من المحرمات تمكن من تركها.
ومن أمثلة ذلك: معرفته لما أحله الله من الطعام والشراب واللباس والنكاح، وعدم تعديه إلى ما حرم من الخبائث. ومعرفته ما شرعه الله من الأحكام في النكاح والطلاق والعدة، وعدم تعديه إلى فعل ما لا يجوز شرعاً. والمحافظة على ما فصله الله من أحكام المواريث ولزوم حده. وعدم تعدي ذلك، وتوريث من لا يرث، وحرمان من يرث، وتبديل ما فرضه وفصله بغيره. ومعرفة المحرمات على الصائم، ووقت الصيام، وختم ذلك بقوله:{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة:187]. وكما حرم على الأزواج أن يأخذوا مما آتوا أزواجهم شيئاً إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا} وكما بين المحرمات في قوله: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى} [الإسراء: 32] {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: 34].
فالخير والسعادة والفلاح في معرفة حدود الله، والمحافظة عليها. كما أن أصل كل الشر وأسباب العقوبات الجهل بحدود الله، أوترك المحافظة عليها أو الجمع بين الشرين.