يسروا ولا تعسروا ..
التيسير مقصد من مقاصد التشريع ، وأساس متين من أسس الدين ، من أخذ به ارتفع وغلب ، ومن حاد عنه غالى وانقلب ، وهو مراد الله عز وجل لخلقه ، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم في سنته قال سبحانه ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) والتيسير شعيرة في الأخلاق والمعاملات وسمة في العادات والعبادات فهي خير ما يدين به المسلم ربه قال صلى الله عليه وسلم : إن خير دينكم أيسره إن خير دينكم أيسره.
لقد قامت شريعة الإسلام على التخفيف واليسر، ورفع الحرج والعسر، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى رضي لهذه الأمة اليسر، وكره لها العسر". ولقد أرسل الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم وخصه بأوصاف الرحمة والتيسير، فقال تعالى ونيسرك لليسرى) فكان صلى الله عليه وسلم يحب التخفيف والتبشير، ويقول: أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة أي الشريعة السمحة السهلة في العمل.
وكان معاذ رضي الله عنه يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجع فيؤم قومه، وذات ليلة صلى معاذ مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء يؤم قومه فقرأ البقرة فاعتزل رجل من القوم فصلى فقيل نافقت يا فلان فقال ما نافقت فأتى رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال إن معاذاً يصلي معك ثم يرجع فيؤمنا يا رسول اللهِ وإنما نحن أصحاب نواضح ونعمل بأيدينا وإنه جاء يؤمنا فقرأ بسورة البقرة فقال يا معاذ أفتان أنت أفتان أنت اقرأ ب (سبح اسم ربك الأعلى) (والليل إذا يغشى) يا معاذ لا تكن فتاناً فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة والمسافر.
إن التشديد قد يأتي من حيث لا يريد الإنسان ذلك بمعنى أنه يريد الخير، ويحرص على الطاعة ويحب أن يكون تقياً ورعاً وقد يدفعه إلى ذلك الخشية والرغبة فيما عند الله ولكن هذا الطريق وعر وقد يتيه فيه الكثير إذا لم يهتدوا بهديه صلى الله عليه وسلم.
التيسير على الناس في حياتهم أمر حسن حث عليه الشرع ولكن ما نلاحظه من الكثير هو عكس ذلك تماماً عندما يضربون أمثلة يعجز عنها غالب الناس وربما شكوا في صحتها لما في بعضها من مبالغات ، كقولهم إن فلاناً لم تفته تكبيرة الإحرام سبعين سنة وقولهم إن فلانا كان يختم القرآن في ليلة أو في ركعة أو لم يأكل بصلاً منذ حفظ القرآن أو يصلي الفجر بوضوء العشاء وغير ذلك من قصص تثير الإحباط وتنفر الناس من الدين فتراه مشغلاً للناس عن حياتهم الطبيعية والعكس هو الصحيح إذ إن ما ذكر من أمثلة دليل على أن الدين جاء مراعياً لأحوال الناس ودنياهم يقوّمها ولا يهدمها يكون وسطاً في كل الأحوال.
ختاماً:
قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمةً وسطا)
تميم بن عبدالله باسودان