غياب المواءمة بين التعليم والتوظيف!!
تفتح الجامعات أبوابها كل عام لاستقبال الطلاب في تخصصات عديدة وتنفق على تعليمهم الأموال الطائلة، وتصرف لهم المكافآت، وتبذل الجهود لتأهيلهم علمياً؛ أما الطالب فيقضي عدة سنوات في طلب العلم، ثم يتخرج من الجامعة لتبدأ معه رحلة المعاناة في البحث عن الوظيفة! ما يعني أنه قد يحالفه الحظ في الحصول على الوظيفة التي تناسب دراسته، وقد يتجه مرغمًا للبحث عن وظيفة أخرى بعيدة تمامًا عن مجال التخصص.
كثير من المجالات الوظيفية يشغلها وافدون كالأطباء والمهندسون وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات، ولا تزال الحاجة قائمة لشغلها بالخريجين من أبناء الوطن، إلا أن غياب المعلومات الكافية من الجهات ذات العلاقة في وزارة الخدمة المدنية ووزارة العمل تحول دون معرفة كثير من الطلاب بالمجالات الوظيفية الشاغرة وبالتالي فقدان الفرصة للعمل بهذه الوظيفة أو تلك.
أجزم تمامًا أن هناك كثير من الفرص الوظيفية الأخرى التي لا تجد من يشغلها لعدم وجود قاعدة بيانات متاحة أمام الطلاب قبل انتظامهم في الدراسة بالجامعة واختيار التخصص الذي سوف ينبني عليه المجال الوظيفي مستقبلًا.
مؤسف أن يمضي الطالب عدة سنوات على مقاعد الدراسة بالجامعة ثم لا يجد وظيفة تناسب مؤهلاته العلمية!!
ومؤسف أيضاً غياب الرؤية والتنسيق بين الجهات المناط بها عملية التوظيف وبين المؤسسات التعليمية!!
القضية في الوقت الحالي في التعليم والتوظيف ليست في "الكمية" بكثرة الخريجين بل في "النوعية" بتحديد التخصصات المطلوبة في سوق العمل، وهو ما ينبغي التركيز عليه لضمان وجود الفرص الوظيفية المناسبة لكل خريج حسب مؤهلاته.
والسؤال الذي يحتاج إلى الإجابة:
أين قاعدة البيانات أو الدليل الوظيفي الذي يعتمد عليه الطالب في الاستدلال باختيار التخصص المناسب؟.
ولماذا غاب التنسيق بين وزارة التعليم والوزارات المناط بها عملية التوظيف؟.
وهل يمكن للجامعات أن تقتصر على فتح التخصصات التي لا يزال لها مجال في سوق العمل دون التخصصات الأخرى؟.
بات من الضروري التنسيق بين أطراف ثلاثة وهي الجامعة أو المؤسسة التعليمية المسؤولة عن التعليم والتي ينبغي لها فتح المجال بدراسة التخصصات المطلوبة ولا تزال شاغرة، وبين الطالب الذي سوف يكون الموظف في المستقبل، وبين الجهة المناط بها عملية التوظيف سواءً كانت في القطاع الحكومي أو الخاص والتي ينبغي عليها مساعدة الجامعات في التعريف بالوظائف المرغوبة وطبيعة العمل بها حتى يتسنى للجامعات إعادة هيكلة التخصصات وفق ما يحتاجه سوق العمل لا غير.
ختاماً: الجهات التي تُعنى بعملية التوظيف هي التي سوف تستقطب الطالب بعد التخرج، ومن الضروري التنسيق معها للتقليل من الهدر التعليمي والوظيفي والحيلولة دون تكدس الخريجين في تخصصات لم يعد لها في سوق العمل أدنى اهتمام، كما أن إشعار الطلاب بالتخصصات المنتهية بالتوظيف دون غيرها سوف يتيح للطالب الاختيار الصحيح أو البحث عن البديل للدراسة سواءً في الدبلومات، أو المعاهد لضمان العمل بعد التخرج ... والله من وراء القصد.