الوصاية الفكرية .. مرض نعاني منه
من لوازم السيطرة في مجتمعنا ومن أسرار مهنة السيادة تنمية الاحساس لدى الطرف المسود بأنه قاصر أو دون سن الرشد عاجز عن اتخاذ القرارات السليمة ويحتاج إلى راعٍ لمصالحه أو وصي ينوب عنه في إدارة شؤونه العامة مما أنتج نوعاً خاصاً من الثقافة عرف باسم "ثقافة الوصاية".
تنزع ثقافة الوصاية في جوهرها إلى تعميم وعي زائف يخلق لدى الإنسان شعوراً ملازماً بالقصور والدونية وأنه عاجز أمام شخصيات في المجتمع تكون محل رعب وتهييب كبيرين تفقده اتخاذ القرار في حياته العامة الطبيعية في طور المشكلة الأساسية التي نعاني منها منذ الأزل ولم نجد لها حلاً أن كل جهة تعتقد أنها المرجع الوحيد في الوصاية على عقول الناس وطريقة تفكيرهم ومراقبة أفكارهم الخاصة ، ولكن الحقيقة هي أن مجرد الوصاية الفكرية ومحاولة جذب الآخرين لقناعاتنا الشخصية فكرة خاطئة
وغير منطقية على الإطلاق لأن اختلاف الأهواء والآراء من طبيعة البشر التي خلقهم الله عليها وذكرها في كتابه العزيز (ولا يزالون مختلفين ولذلك خلقهم) هكذا شاءت حكمة الله أن يكون الناس مختلفين في كل شيء ومن هذا الاختلاف أن يكون الإنسان حراً في تفكيره وقراراته ولكن بعض الفئات تسعى وبكل قوة لممارسة الهيمنة والتسلط على من حولهم ويصادرون حريتهم في التفكير وحقهم في الاختيار من خلال إعطاء الحق لأنفسهم لفرض سيطرة تفكير معين على جميع الناس وأن من يخالفهم خو على غير صواب وهذا ما نراه جلياً عند مناقشة بعض هذه الفئات من خلال حياتنا اليومية وفي مواقع التواصل الاجتماعي والتي نرى فيها احتقان الوصاية على أفكار الناس قد وصل أوجَه بحيث نراهم لا يتنازلون عن هذه الوصاية التي تتغلف في مواقف معينة بأسماء أخرى كي لا تنفضح هذه الوصاية وتظهر على السطح بشكل كبير.
إن الوصاية الفكرية على الناس مرض ينخر في عقول وقلوب من يعتقدون أن فعلهم صحيح وأن ما يمارس من عبث هو تصحيح لأفكار غالبية المجتمع التي يرونها في منظورهم الغريب متهاة في طريق مظلم.
أنا هنا لا أخصص تيار بعينه إنما بشكل عام من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال.
ختاماً:
"حسن الظن واحترام الآخر وعدم تنصيب أي شخص نفسه كمرجع ورقيب على نوايا الآخرين هو طريق البداية لزوال هذا المرض".
تميم بن عبدالله باسودان