الشيخ سعد ابن غنيم ومشاري الوزية: كريم يكرم كريما
الشيخ سعد ابن غنيم والشاب مشاري الوزية: كريم يكرم كريما
إذا كنتِ ممن يسهل عليهم العطاء ولا يؤلمهم البذل فأنتِ سَخِي، وإن كنتِ ممن يعطون الأكثر ويُبقون لأنفسهم الأقل؛ فأنت جواد، أما إن كنت ممن يعطون الآخرين مع حاجتك إلى ما أعطيت لكنك قدمت غيرك على نفسك؛ فقد وصلت إلى مرتبة الإيثار، خلق النفوس الكبيرة!
ولَقَدْ سَجَّلَ التَّارِيخُ أَروَعَ الأمثلة، وأَصدَقَ الشوَاهِدِ والأدلة، مِنْ حَيَاةِ الصَّحَابَةِ -رضي الله عنهم- الذِينَ زَيَّنُوا صَفَحَاتِ حَيَاتِهِمْ بِأَوسِمَةِ الإِيثَارِ، وَقَلَّدُوا أعناقهم بِقَلاَئِدِ العِزِّ والفَخَارِ، فَصَاغُوا صَفَحَاتٍ ملؤها الأخوة الصادقة، والمحبة الفائقة. فَعِنْدَ قُدُومِ المُهَاجِرينَ إِلَى المَدِينَةِ، استَقْبَلَهُمُ الأَنْصَارُ بِلَهْـفَةٍ عَارِمَةٍ، وَمَحَبَّةٍ صَادِقَةٍ، بَلَغَتْ حَدَّ التَّنَافُسِ بَيْنَهُمْ فِي نَيْلِ تَضْيِيفِهِمْ، فَقَامَ الحُبُّ والإِيثَارُ فِيهِمْ مَقَامَ العَصَبِيَّةِ القَبَلِيَّةِ، والحَمِيَّةِ الجَاهِلِيَّةِ، فَذَابَتْ تِلْكَ العَصَبِيَّاتُ والحَمِيَّاتُ، وَسَقَطَتْ فَوارِقُ اللَّوْنِ والدَّمِ، فَبَلَغَ بَيْنَهُمُ الإِيثَارُ أَنْ يَعْرِضَ أَحَدُهُمْ لأَخِيهِ المُسلِمِ نِصْفَ مَالِهِ وَدَارِهِ. وَقَدْ نَزَلَ فِيهِمْ قَولُهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ تبوؤوا الدَّارَ وَالأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
واليوم ونحن نسير على نهج الصحابة رضوان الله عليهم، يضرب لنا الشيخ الكريم/ سعد ابن غنيم بتكفله بكامل تكاليف سيارة وزواج، لصاحب السخاء والجود والإيثار الشاب "مشاري الوزية"، تكريما وتقديرا لموقفه الإنساني والوطني، وتبرعه بجزء من كبده لطفلة لا يربطه بها إلا أنها ابنة أحد أبطال بلده المرابطين على حد الوطن الجنوبي، ويقدم مثلا على حب وتقدير المجتمع السعودي النبيل لصفات الإيثار والجود والبذل السخي والترابط والمحبة والوطنية وإعجابه بأصحاب هذه الصفات النبيلة كالشاب الشهم "مشاري"، ولا غرابة في بلاد الحرمين الشريفين أن يكرم الكريم كريما والسخي سخيا والجواد جواد، فهذا هو الوجه الحقيقي للمجتمع السعودي الذي تربى على الفضيلة والحب والإيثار، وليس ذاك الوجه القبيح الكالح المشوه الذي يحمله حفنة قليلة شاذة من المارقين الذين القوا أنفسهم في أحضان الإرهاب وشوهوا سمعة الدين وسمعة الوطن والمواطن.
صفة الإيثار والجود والبذل والعطاء ابتغاء الثوابِ من اللهِ من أعلى درجات المعاملة مع الناس، لا يتّصفُ بها إلاَّ أصحابُ النفوسِ الكبيرة، والقلوبِ الواسِعَة، والهِمِمِ العالية، ، ولا يقْوَى على هذا السلوكِ إلاَّ الذينَ تبوَّؤُوا الإيمانَ الحقيقيَّ الحَي حقَّ التبوُّء.فكما قال ربنا سبحانه في وصفِ المؤثرين: (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صدورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون) [الحشر:9].
إن الإيثار مع الناس، خلق عظيم لأجله يتعب الواحد ليستريح إخوانه، ويحتاج ليستَغْنوا هُم، وربّما يشقى ويتألم ليسعَدوا ويفرَحوا هم، لذا كان أجره عند الله عظيما، وثوابه جزيلا.
وأنا هنا باسم المجتمع السعودي أشكر الشيخ الفاضل "سعد" على تمثيل المجتمع في تكريم الإيثار والسخاء والجود ، ممثلا في الشاب "مشاري" ، وأحيي الشاب "مشاري" وأسرته على كرمه وجوده وسخائه وحبه لوطنه وأبناء وطنه ورحمته وشفقته على الأطفال، وتقديمه أروع الأمثلة على التعاون والتعاضد بين المواطنين، وتجسيده لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير". وأسأل الله أن يحفظهما أينما كانا ويكثر من أمثالهما، ووطن فيه أمثال هؤلاء لا خوف عليه بإذن الله ولا هم يحزنون. ودام عزك يا وطن الإيثار والجود والكرم.