"الجندي المجهول"
مدير المدرسة ذلك الجندي المجهول الذي يحمل هموم مدرسته على الدوام تلاحقه منذ الصباح الباكر؛ فتراه يسبق الجميع لفتح سجل الدوام لبداية يوم دراسي جديد- يسأل عن منسوبي مدرسته من جاء منهم متأخراً ومن غاب، لا يهدأ له بال حتى ينتظم الطلاب على مقاعد الدراسة.
هذا الجندي له مهام جسام فهو المسؤول عن كل شاردة وواردة، يذلل الصعاب، يراقب الطلاب، يسد احتياط المعلمين، يستقبل الزوار من أولياء أمور الطلاب والمشرفين، يتلقى مكالمات المتصلين ليرد على استفساراتهم، قد يحال إليه مجموعة من الطلاب المشاغبين أو المقصرين في أداء واجباتهم ليقوم بحل مشكلاتهم إن لم يكن لديه المرشد الطلابي الذي يتولى المهمة، يشرف بالتعاون مع المعلمين على سير العملية التعليمية.
لا يوجد له مثيل سوى التيار الكهربائي المتردد الذي يتحرك باستمرار لانتاج الطاقة الضوئية في مكان وجوده، لا تجد لديه وقت فارغ عادةً يقضيه للراحة، فمنذ أن تسنم هذا المنصب وتقلد تلك المسؤولية فقد حمل هم يومه وليلته، وقد لا تواتيه الفرصة إلا خارج حدود مدرسته ليفرغ عن نفسه تلك الهموم حين يجد من أفراد عائلته أو من أصدقاءه من يشاركه إياها.
هؤلاء الجنود هم قادة الميدان التربوي وينتظرون مد يد العون، فأعباءهم كثيرة، وصلاحياتهم محدودة، وهم بحاجة إلى تلمس احتياجاتهم والوقوف بجانبهم قبل تخليهم عن هذه المسؤولية! وعدم قصر بقاءهم في مدارسهم مدة محددة نصت عليها اللوائح والأنظمة حين قررت وزارة التربية والتعليم مدة التكليف بالادارة "ست سنوات" ليتم بعدها اعفاءهم أو نقلهم من مدارسهم؛ ويظل مكمن الخلل عزوف المعلمين عن تولي الادارة بالرغم من أهليتهم لذلك، ما يستدعي البحث عن هذا العزوف وتقصي أسبابه، وماهي المحفزات المشجعة التي تجعل تولي الادارة عملية جاذبة لهم ؟.
خلاصة القول: إن منح مدراء المدارس الحوافز التشجيعية والصلاحيات الواسعة وإتاحة الفرصة لهم بالبقاء في مدارسهم عدا من يرغب الانتقال منهم وتيسير مهامهم هو السبيل الأمثل للتنافس الشريف على حمل هذه المسؤولية العظيمة لخدمة رسالة التعليم على الوجه الأكمل، والله من وراء القصد.
Msaa9999@hotmail.com