مرض لايؤجر صاحبه
انه من اشد الامراض فتكاً بالبشرية ، لايكاد المرء يبرأُ منه بسهوله بل بالكاد تنعدم نسبة شفائه ،ومسببه فيروس يقتحم خلايا المخ ويغلفها ويحاصرها ويجعلها مصمته غير قابله للتعديل فيروس قوي لم يُعثر الى الآن على عقار طبي يحاصره ويقضي عليه تماماً ..انه مرض الحسد مرض اجتماعي مهلك ينخُر في مجتمعاتنا مما يؤدي الى هلاكها، ومن المساؤى المترتبة على ذلك الداء اللعين انها تكاد تقضي على التفكير وتقتله وهو يغطي العقل بغشاوة الجهل والظلمات; كما انه هادم لكل صورالنجاح والتميز ..
فالحسود بقلبه نار موقدة وكأنما ابوابها مؤصدة وتندلع ألسنة النار لتطال عقله المنغلق والغارق في الجهل والظلمات لتحرقه فلا يهدئ له بال ولا يهنئ له نوم الا ان تزول نعمة العلي القدير عن صاحبه .. وكأنما تناسى ان بديع السماوات والارض اسبغ عليه بنعم ظاهرة وباطنه وهذا يعد جحوداً ونكراناً وعدم الايمان بقضاء الله وقدره .. و أول الخطايا هي خطيئة الحسد، حسد إبليس آدم عليه السلام على رتبته فأبى أن يسجد له فحمله على الحسد والمعصية.و الحسد داءٌ منصفٌ، يفعل في الحاسد أكثر من فعله بالمحسود أي انه يقضي على صاحبه
والحسد نوعان فمنها ماهو ممدوح ومنها ماهو مذموم واما الممدوح فهو الغبطة وهي تمني مثل ماانعم الله به على الغير دون تمني زوالها واما النوع الثاني المذموم هو تمني زوال النعمة عن الغير .
الحسد مذموم مقبوح، وما يتولد منه من بغي، وعداوة، وبغضاء، وفساد لذات البين، أشد ذماً وأعظم جرماً وأسوأ مصيراً؛ والحسد المقرون بالبغي لا يصدر من فطرة سوية، ولا نفس أبية، ولكن مصدره ومرده إلى النفوس المريضة، والفطر المعوجة، والقلوب الحقودة الخاوية من نور الإيمان واليقين.
لقد ورد في ذم الحسد والحاسدين، والنهي عنه، والتحذير من مغبة التمادي فيه والاسترسال فيه العديد من الآيات الأحاديث والآثار ، نذكر بعضاُ منها:
قوله تعالى: "أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله"
وقال صلى الله عليه وسلم، كما قال أنس رضي الله عنه الله عنه يرفعه: "الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار".
يقول الفقيه أبو الليث السمر قندي رحمه الله تعالى: يصل الحاسد خمس عقوباتٍ قبل أن يصل حسده إلى المحسود:- أوّلها: غمٌ لا ينقطع. وثانيها: مصيبةٌ لا يؤجر عليها.وثالثها: مذمةٌ لا يحمد عليها. ورابعها: سخط الرب. وخامسها: يُـغْـلَـق عنه باب التوفيق.
يقول زيد بن معاوية:
هـم يـحسدوني عـلى موتي فوا آسفا حتى على الموت لا أنجو من الحسدِ
وقفة
الا تعقل ايها الغارق في الانانية الى متى تشعل الناربيديك وتحرق نفسك بها الا تعلم انه لا يخلو جسدٌ من حسدٍ، فالكريم يخفيه، واللئيم يبديه
ألا قـل لـمن كـان لـي حاسداً أتدري على من أسأت الأدبْ
أســأت عـلـى الله فـي حـكمهِ لأنـك لـــم تـــــــــرض لي ما وهبْ
فـأخـزاك ربــي بـمــــا زادنـي وســدّ عـلـــــــــيك وجــوه الـطلبْ
اخيرا
أعوذ بالفرد الصمد ، من شر حاسد إذا حسد ، ومكر اللئيم إذا نسي الفضل وجحد , ايها الحاسد دعك من اللوثة والغثيان ، وسِقط القول وترهات اللسان ، فإنها دناءة ولغط ، وسفاهة وشطط ، كل ذلك يضر بعلاك ، ويبعدك عن بلوغ مناك ، ويطرح بك كل مطرح ، لا تسعك فيه نجاة ، إذ الحسود لا يسود ...