( شحوب..! )
يقول الفسيولوجيين أن الابتسامة هي ثني عضلات الوجه والتي تكون أكثر قربا من الفم بين البشر . لكن هذا الثني البسيط جدا ، كم أنه يُحرك الكثير داخل المبتسم ، وأيضا على الناظر إليه.
أحد الأصدقاء يقول لي أننا نحن الخليجين لا نبتسم كثيرا ، فأغلب وقتنا نكون مكشرين قاطبين الحاجبين!...لكنني أعذره فيما قال وأرد عليه كما قالت " فرح " (وهي شخصية للكاتبة بثينة العيسى في إحدى رواياتها).. " أن الشمس هي السبب في ذلك "...لذلك تجد الناس تحت أشعة الشمس الحارقة هذه مقطبين حاجبيهم...وأخلاقهم وسعة تتحمل المزاح وتقبل الأخر بكل صدر رحب....صحيح؟....تقول لي لا..حسنا..نصيحتك لك إذن...تجنبهم .
والابتسامة كما يُقال هي جواز سفر نحو قلوب الآخرين..وهي كذلك...والبعض يعتقد أن من يراه مبتسم إذن هو شخص خالي من الهموم والأحزان...صدقني..ليس كذلك..وكثيرا ما مررت بأنس وابتسامتهم تتوهج في وجههم ، فتزيديهم ضياء ونورا..لكن ما إن تجلس معه حتى يذوب في ذكر أحزانه المرة وهمومه البائسة...فلكل منا قد قُطع له من الحزن ما يكفيه في حياته هذه ولا تظن أن الناس خالية من الحزن لأن ذلك شيئا مستحيل..بل مستحيل جدا . وكما يقول علي ابن أبي طالب رضي الله عنه :
ولربما أبتسم الوقورُ من الأذى....وفؤادُه من حرّه يتأوه
ونحن كخير أمة أخرجت للناس ، وجب علينا أن نتبع قدوتنا وحبيبنا رسول الله فيما فعل ، فلقد كانت الابتسامة لا تفارق ثغره الطاهر حتى في آخر لحظات حياته وهو يودع الدنيا ، يقول أنس رضي الله عنه كما في الصحيحين " أن المسلمين بينما هم في صلاة الفجر يوم الاثنين وأبو بكر يُصلي بهم لم يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كشف ستر حجرة عائشة ، فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة ، ثم تبسم فضحك ، وظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج ، حتى كادوا أن يفتنوا في صلاتهم ، فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده أن أتموا صلاتكم ، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر بينه وبينهم ، فآخر ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم "
والابتسامة هي لغة الشعوب جميعا ، وهي العدوى غيرة مضرة ، فكن حاملها وحاميها وحاويها في قلبك دائما ، وإن كنت في أشد المحن وفي بلاءا لا يعلمه أقرب الناس إليك . وهنا يكمن القلب القوي الصابر .
وكما نصادف دائما في معترك الحياة أننا ننجذب إلى أناس لا نعرفهم ولم نسمع عنهم من قبل ، سوا أنهم كانوا مبتسمين لنا...فقط هذا لا غير..أمر بسيط...أليس كذلك؟.إذن لنكن مبتسمين لا مكشرين...ففي الحياة ما يكفي من المكشرين ما يمقت ويقطع فرحة السعيد وما يزيد من حزن البائس التعيس..ولما كل هذا؟...ألا يكفي؟! .
أبتسم الآن مهما كان حالك؟ وربك الذي خلقنا لن يديم الحال مهما كان..وكما يُقال إذا أنصف الزمان فيوم لك ويوم عليك...فأشكر الله إن كان لك ولا تغتر..وأصبر وأحتسب إن كان عليك..وهي أيام ، يداولها الله بين الناس .
أبتسم يلا .