حتى لا تتكرر ظاهرة تزوير توقيع الوزير!
حتى لا تتكرر ظاهرة تزوير توقيع الوزير!
قرأت في صحيفة سبق الالكترونية قبل أيام خبرا محزنا مفاده أن هيئة الرقابة والتحقيق حولت مديراً عاماً في وزارة العمل وثلاثة رجال أعمال إلى المحكمة الإدارية؛ تمهيداً لمحاكمتهم، عقب اتهامهم بتزوير توقيع وزير العمل المهندس عادل فقيه ، لإصدار(1083) تأشيرة باكستانية، وأن القضية بدأت منذ ثلاثة أعوام تقريباً، عندما تم الرفع بطلب التأشيرات لصالح ثلاث شركات.
يعد التوقيع كما هو معروف وثيقة ومن حقوق صاحبه أو الجهة التي يمثلها، وتزويره بأي وسيلة ولأي غرض وبأي حجة يعد جريمة يعاقب عليها النظام عقوبة شديدة، لأنها تضر بالمجتمع بشكل كبير وبمصلحة الأفراد في التعاملات فيما بينهم، وتؤدي إلى انعدام الثقة في تعاملاتهم. كما انها تؤثر على الاقتصاد وانهيار المؤسسات والشركات وقد تلحق الضرر بالآخرين وخاصة لمن لديهم تعاملات مع هذه المؤسسات
كما أن التزوير بكافة أنواعه وأشكاله وللأسف من مظاهر التقدم المادي للعالم ، ولكن لا يقوم به إلا ضعاف النفوس وأصحاب الضمائر الملوثة ، لكونه جريمة تعاقب عليها جميع شرائع وقوانين وأنظمة العالم.
إن ما حدث من تزوير لتوقيع وزير العمل، لا يمكن تجاهله، فله عدة دلالات لا بد من الوقوف عليها، حتى لا تتكرر هذه الجريمة في الوزارة أو في غيرها من دوائر أعمالنا، نذكر منها على سبيل التمثيل لا الحصر التالي:
أولا- لا يمكن أن تقع جريمة تزوير توقيع أعلى مسؤول في الوزارة (الوزير) الا لأن هناك بيئة فيها من الفساد الإداري والفاسدين النافذين ما يشجع ويسهل ذلك.
ثانيا- أن هناك ضعفا أو تواطئا في أجهزة الرقابة الداخلية واجراءاتها ومسؤوليها في الوزارة، بدليل أن الموضوع مر بعدة قنوات دون رصد أو اكتشاف.
ثالثا- أن الوزير لا يستخدم توقيعا من الصعب تزويره ولا يستخدام قلم خاص أو ألي أو لواصق أو أوراق ذات سمات أمنية يصعب تزويرها .
رابعا- أن الإدارة المعنية بمنح التأشيرات بالوزارة تمنح تأشيرات بالألاف من دولة واحدة في اجراء واحد دون عرض على الوزير.
خامسا- أنه لا يوجد لدى الوزارة برامج تدريب لمنسوبيها في كشف حالات التزوير، وبرامج توعية لرفع الشعور الوطني والحث على اليقظة حيال ما يدعوهم للشك في صحته والتحفظ عليه وتقديمه للجهات المختصة للتأكد من سلامته، أو أنها موجودة ولكن ضعيفة.
سادسا- أن التنسيق والتعاون ضعيف فيما بين ادارات الوزارة ومع الجهات ذات الاختصاص والصلة بمكافحة ظاهرة التزوير.
سابعا- أن العمل في الوزارة لا يزال ورقيا، وليس الكترونيا يحد من تدخلات الموظفين.وخاصة ضعاف النفوس منهم.
ثامنا- أن هناك تفريط في منح الصلاحيات المطلقة لمدراء العموم في الوزارة، وخاصة الادارات المعنية باستقدام العمالة.
تاسعا- أن اختيار مدراء العموم لا يتم وفق معايير جيدة.
أعتقد أن وزارة العمل وغيرها - لو استفادت من هذه الدلالات ستكون في حال أفضل بالنسبة لمنع عمليات التزوير، سواء توقيعات أو غيرها، بل وستكون الفرصة أمام المزورين، شبه معدومة وخانقة جدا، والاحتراز من جرائم التزوير واجب وطني ومسؤولية أخلاقية وأمانة لا يجوز التهاون أو التساهل فيها،.لأن مخاطرها مدمرة وتعم ولا تخص.
وإذا كان التزوير قد وصل عندنا لتوقيعات الوزراء، فإنه في دول أخرى، وصل لشخصيات وتوقيعات حكام لا يتسع المقال لذكرها؛ مما يدل على أن الإنسان أينما وجد لديه نفس أمارة بالسوء، ولهذا سنت الأنظمة والقوانين الرادعة ، ومن أمن العقوبة أساء الأدب...!
