وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
يقول المولى -عز وجل في سورة الإسراء: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا }الآية23, 24.
عندما أستعرض معاني كلمات هذه الآية العظيمة ومفرداتها ودلالاتها أطرح على نفسي وأعتقد جازماً - أن هذا حال عدد ليس بقليل من الآباء والأمهات في أيامنا المعاصرة يتساءلون :
ماذا حصل لأبناء وبنات الأمة الإسلامية الذين نشأوا وتربوا على تعاليم الإسلام السمحة التي تأمر وتحض على بر الوالدين والإحسان لهما؟.. ولماذا هذا العقوق الذي بدأ يستشرى في ابناء وبنات المسلمين؟
ولماذا هذا الجفاء من الابناء والبنات تجاه الآباء والأمهات , ولماذا هذه المعاملة السيئة التي يعامل بها الابناء والبنات والديهم؟
ولماذا اضحى عقوق الأبناء والبنات هاجس الآباء والأمهات؟
اسئلة اضحت تأخذ حيزاً من حديث المجالس بل ووسائل الإعلام المختلفة , ووسائل التواصل الاجتماعي على شبكة المعلومات الدولية (الأنترنت) .. حتى أدى بالبعض من الأكاديميين والتربويين إلى وصف معاناة الآباء والأمهات مع ابنائهم وبناتهم بالظاهرة التي تستحق الدراسة والبحث في أسبابها وكيفية علاجها.
لن أسترسل في هذا الحديث ولكني سأستشهد بما رواه لي أحد أبنائي عندما كان في نهاية دراسته الجامعية (أثناء التطبيق) حيث قام بالوقوف على بعض الحالات في دار المسنين , فقد كدرني كثيرا أن يصل العقوق بأبناء المسلمين وخاصة أبناء هذا البلد المبارك بأن يرموا آبائهم وأمهاتهم في دار العجزة , وقد ذكر لي أن بعضاً من كبار السن الموجودين في الدار لديهم ابناء مقتدرون في نفس المدينة يستطيعون رعايتهم والبر بهم , ومع ذلك وضعوا آبائهم في هذه الدار ناسين ومتناسين ما عاناه الآباء والأمهات في تربيتهم حتى أصبحوا رجالاً بل وغافلين عن قوله تعالى في الآية السابقة.
ولا شك أن من ارتكب هذا العمل في حق والده أو والدته خالف أمر الله تعالى في آيات كثيرة وأحاديث متعددة حظت الأبناء على بر الوالدين والإحسان لهما ولاسيما عندما يبلغون من الكبر عتيا , وقد أكد الله الأمر بإكرام الوالدين حتى قرن تعالى الأمر بالإحسان إليهما بعبادته التي هي توحيده والبراءة عن الشرك اهتماما به وتعظيما له قال تعالى: { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا } النساء 36 , وقد أوصى الإسلام بالوالدين خيرًا ونهى عن قطيعتهم وإيذائهم أو إدخال الحزن عليهم، كيف لا، والإسلام دين الوفاء والبرِّ , يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين..."الحديث. وقد اتفق أهل العلم على عدِّ العقوق كبيرة من الكبائر , فلنراجع انفسنا ولننظر في معاملتنا لوالدينا , فإن العاق لوالديه يعرض نفسه لدعاء والديه عليه ، ودعاؤهما مستجاب فقد ورد في الحديث: "ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهنَّ: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده".(رواه الترمذي) فلنحذر من العقوق ولنتقي الله في ابائنا وأمهاتنا نسأل الله الكريم بمنه أن يرزقنا وإياكم البر ، وأن يجنبنا العقوق والآثام , إنه ولي ذلك والقادر عليه.