ثقافة التوجس والاختلاف
ثقافة التوجس والاختلاف
فوزية فواز
لقد دُهشت بالأمس من الفكر المتوازن الراقي الذي خلفه لنا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله , حين سمعت لقاء ابنه الشيخ والباحث الإسلامي أحمد بن عبد العزيز بن باز
في برنامج إضاءات حينما تحدّث عن كثرة السائلين عن بعض الفتاوى والتي هي من البساطة بحيث يستطيع السائل أن يجتهد بنفسه دون اللجوء للآخرين .
أذكر بمناسبة تفاهة بعض الأسئلة أن أحدهم يسأل الشيخ ( يقول : أنه ذهب إلى مغسلة سيارات وحين انتهى من تنظيف سيارته فقد ريموت البوابة التي بمنزله واتهم العمالة بتضييعه وطلب تعويضاً من المغسلة , المهم أن صاحب المغسلة قدّر ثمن الريموت وأعطاه المبلغ وبعد مرور فترة ربما أيام أو أسابيع وجد الريموت فوق كبوت السيارة تحت أوراق أو مناديل لست أعلم الشاهد أنه الآن يسأل ما الذي ينبغي عليه فعله ؟ ) انتهى السؤال ..
وبصراحة أنا لستُ خريجة كلية الشريعة ولستُ فقيهة ولكنني أجبته : اذهب إلى صاحب المغسلة ورد المبلغ وإن لم تجدها يعني قفلت وانتهى أمرها واختفوا أصحابها تصدّق بالمبلغ !
إنها لا تحتاج لأي سؤال فمثل هذه الأمور لا تخفى على كل ذي لب !
وأعجبني ما طرحه من فكرٍ راقٍ حين تحدّث عن والده وكيف أنه غيّر رأيه في بعض الأمور حين اتضح له رأي آخر أفضل حتى وإن خالفه ..
إننا نحتاج لأن نتحاور لنصل إلى نتيجة أما ما نستخدمه الآن من إقصاء لأي فكرة جديدة واستهجان لعقول أصحابها فهذا ما قد يبعدنا عن بعضنا البعض .
إن ثقافة التوجس والشك دائماً بنوايا وأفكار الآخرين هو الذي خلق لنا جيلاً مذبذباً متردداً يخشى النقد ويخشى عدم رضا الآخرين عنه .
ليس بالضرورة أن يتفق معي الكل فيما أقول أو أطرحه ( كل إنسان ألزمناه طائره في عنقه )
كل إنسان له كيانه وفكره وعقله وهذه تخضع لبيئته وتربيته ومجتمعه الذي نشأ به
إن اختلاف الجنوب والشمال الشرق والغرب كلها خاضعة لبيئتهم التي نشأوا بها لا ينبغي أن أنتقد ثقافتهم أو عاداتهم وتقاليدهم لأنها لا تتفق مع عاداتي وتقاليدي
وقد أعجبني حين نادى بالتربية السليمة ووجوب تعليم الطفل الفضائل الخلقية قبل أي شئٍ آخر
وأن ما أخّر ركبنا الحضاري هي فقد هذه القيم وانشغالنا بالتوجس والشك والمؤامرات التي نعتقد أنها دائماً تُحاك ضدنا من الغرب .
ونسينا أننا نأخذ منهم كل شئ ...
فلولا الله سبحانه وتسخيره لنا مثل هؤلاء لما كتبتُ مقالتي هذه واستطعت أن أنقل فكري إليكم بمجرد كبسة زر ( مش كبسة رز ) بمناسبة كبسة الرز والله إنني أخجل حين أرى في الإعلام صور لأكبر كبسة رز أو أكبر كمية شوربة أو اكبر كمية فشار من أجل الدخول لعالم جينيس !
العالم من حولنا يخترعون ويبتكرون أعظم الأجهزة والتقنيات ونحنُ انشغلنا بما يملأ معدتنا فقط
إن هذا نتاج ما دعاه الشيخ أحمد بن باز بالثقافة التي تربينا عليها حيث لم تُنشئ جيلاً مُفكّراً
إن الحديث ذو شجون وليعذرني القارئ لإطالتي
بالمناسبة : ماذا تعرف أخي القارئ عن ( دنيس غابور ) !
افتح google وسترى أين نحنُ وأين هم !