( كيف يُنسى..! )
كيف يُنسى..!
دعوني أدخل في الموضوع مباشرة لما أشعره من حزن وغبطة شديدين جراء ما يحدث من تغافل وتناسي إن صح القول .
إن أكثر ما يغبط الإنسان ويجعله يعيش في حالة من القهر المقيت هو أن تعرف سيرة شخص له تاريخ حافل ليس معروفا فقط داخل نطاق الوطن بل تعدت شهرته إلى بلدان العرب برمتها ...لكنه للأسف منسي !
نعم منسي للأسف الشديد وأقولها بالفم المليان ، ولست أهلا بأن أكتب عنه ، هو هامة من هامات هذا البلد وعلما شامخا يرفرف فوق سطوح الجهل ، هو الأديب والشاعر والناثر والمؤرخ والفيلسوف..أكمل ؟!....نعم...وعلامة في الإناسة وعلم الحديث ومنابر الخطابة والمحافل والمجالس...أهذا شخص إنسيا ؟!..نعم..هو محمد حسين زيدان...سمعت عنه من قبل ؟..لا...لا ألومك..لأنه منسي !
كيف ينُسى شخص كهذا؟!..يتذكره القُدامى كيف أنه كان يأتي في رمضان على التلفزيون ويذكر كل يوم صحابيا جليلا...كان جميل الأسلوب عذب الكلام مطمئن القلب منشرح الصدر وهذا ما تجده في حلقاته القديمة على ( اليوتيوب )...لحسن الحظ .
إن للأستاذ محمد زيدان مؤلفات كثيرة ومن أشهرها ( ذكريات العهود الثلاثة ) التي تحدث عن حياته في ظل العهدــ العثماني والشريفي والسعودي ــ التي مرت على المدينة وهو بذلك يؤدي شهادة تاريخية يحتاجها الأجيال التي لم تعاصر تلك الأحداث لتعرف تاريخ المنطقة، وغيرها من الكتب القيمة مثل ( خواطر مجنحة ) و ( كلمة ونصف ) ويكفيني لو كتبت أسماء مؤلفاته في هذه المقالة لما وجدتُ في نفسي من حزن وأسى على أنني لم أتعرف على هذا العلامة إلا بالصدفة..كيف يعقل هذا؟..أين التلفزيون الذي خدمهم سنين طويلة؟..لماذا لا يتحدثون عنه ؟..لماذا لا يُذكٌرون الأجيال التي في عمري أو التي من قبل عن وجود هكذا هامة في وطننا ؟..أين المثقفون ( النخب ) أعجزت أقلامهم عن ذكره...آآآه نسيت نحنُ مشغولين بقيادة المرأة من عدمها...نسيت هذا شيء مهم ..ويجب علينا أن نسهب أقلامنا كل يوم نتحدث عنه...عار علينا .
أيعقل ألا يُذكر محمد حسين زيدان إلا من قبل شباب صغار؟! كرسوا أقلامهم بحرقة لكي يذكٌروا الكبار بأنهم لن ينسوا تاريخهم ورجالهم كما نسوهم...إنهم ليسوا كذلك .
وللحق أقول وهذا ما أكنه للأديب أنه شبيها إلى حد ما بالفقيه والأديب علي الطنطاوي وستلاحظ ذلك أول ما تراه وتسمع صوته ، لأن طيبة القلب والتواضع هما ميزة كل عالم..وهما كذلك .
سئل ذات لقاء هذا الفيلسوف و الموسوعة المتنقلة على قدمين أن يعٌرف بنفسه فقال " طالب معرفة يحب كل الناس ، ولا يكره أحدا...وما نام ليلة وهو حاقد على احد " وبهذه الروح الشفافة شق هذا الأديب طريقه بين الناس .
إن محمد زيدان أستاذ الأجيال الذي تخرج علي يديه هامات نعتز بعطائهم مثل الكاتب والأديب المعروف الأستاذ عبد الله الماجد الذي يصف أستاذه الكبير بـ( شيخي وشيخ الكتاب في عصرنا ) وأيضا الأديب الشهير وتلميذه السيد عبد الله الجفري الذي ألف فيه كتاب بعنوان ( الزيدان...زوربا القرن العشرين ) من منشورات مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر . لم يأتي هذا الوصف عبثا فشخصية زوربا الشهيرة ( العجوز ، العميق ، الفياض بالحيوية والنشاط ) تلك كانت صفات الزيدان كما تمعن فيه تلميذه . وأجمل ما في كتاباته أن لها إيقاع وأنه صاحب مدرسة في الكتابة الأدبية والصحافية قل نظيرها في تاريخنا الأدبي المعاصر .
رحمك الله رحمة واسعة أيها الأديب...وستظل في قلوبنا دوما وستذكرك الأجيال القادمة أنك كنت رمزا وهامة مشرقة مهما تناسوك،
ومثل هذا لا يُنسى .
والسلام عليكم
Hisham-alharbi@hotmail.com
@Hisham9292