البنت الجالسة في البيت
محمد الصالحي
أعتقد أن الفتيات السعوديات هن أكثر خلق الله إرسالا لدعوات الابتهال إلى البارئ بطلب وظيفة من عيار «معلمة» في أي مكان يكون، طالما أنها الوظيفة الوحيدة التي اتفقت على «نقائها من الشوائب» كل أطياف المجتمع. لذلك من قرأ توجيه مجلس الوزراء، أمس الأول، بإنهاء معاناة 15 عاما قضتها خريجات معاهد المعلمات أسيرات للبطالة، واستحداث أكثر من 12 ألف وظيفة إدارية لهن، سيعرف حجم الفرحة التي ستزور منازلهن. هي حملة الإنقاذ.
ويكاد يجزم الكثيرون أن أولئك الفتيات هن، أيضا، أكثر فئات مجتمعنا تعرضا للصدمات المتتالية من عيار «لا توجد وظيفة»، ناهيك عن أن هذه الحالة تلازم كثيرا منهن حتى عقد من الزمن، حتى ينتهي أملهن، وتصبح «جلسة البيت» وشرب ماء الشهادة هما الأجدى لهن.
وإذا أردتم أن تتأملوا الحال أكثر، فابحثوا عن تعليقات خبر الأمس، وكل خبر يأتي لهن بوعود الوظيفة، واستشفوا من الدعوات التي انبرت بها ألسنة عشرات الفتيات بأن يرزقهن الله «وظيفة»، ويرزق معهن أخواتهن وصديقاتهن وكل من يحملن تاء التأنيث وإيحاءاتها، شيئا من حكاية المرأة السعودية حين تحلم بكرسي وظيفة.
الأكيد هنا، أن خريجات معاهد المعلمات المغلقة، سينتهين إلى تحقيق وظيفة، ولكن يجب من اللحظة تدارك الأقسام والكليات الأخرى التي تشرف عليها وزارة التعليم العالي، والخروج من حالة اللا مسؤولية تجاه أولئك الفتيات اللاتي يزج بهن في تخصصات نعرف يقينا أنها تشبعت منذ سنين طويلة، ثم إذا جاءت «حفلة التوظيف» نتهرب من مسؤولية توظيفهن أو حتى إيجاد مجالات يستطعن العمل فيها. أرقامهن تزداد وبعض المسؤولين ما زالوا صامتين.
أخيرا.. لمن كان يهتم، اقرؤوا التفاصيل المرة وراء كل دعاء ابتهلت به أخواتنا. هناك فقط تكمن حسرات سنين الانتظار الموجعة.