مبروك «بنتك» دكتورة
يوسف المحيميد
حينما يصرح نائب وزير العمل بأن نسبة بطالة السعوديات بلغت 24.8% في حين أن بطالة المرأة في قطر بلغت 2.6% وفي الكويت 7%، وحينما نعرف أن نسبة القوة النسائية العاملة في السعودية بلغت 14% فقط من عدد المؤهلات للعمل في السوق، مقابل 36% في قطر و42% في الكويت، وحينما نعلم بأن 78% من حاملات الشهادات الجامعية في السعودية عاطلات عن العمل، تدرك أن الحل ليس في عمل النساء في محلات بيع الملابس النسائية الداخلية، ولا في حلول المتشددين المرعوبين من «ظل» المرأة، ومطالباتهم بإنشاء أسواق تجارية نسائية مغلقة في الأحياء؛ لأن «الشق» أوسع من «رقع» الكون بأكمله!
هذه الحلول الطريفة، من منح هبة المحلات النسائية الداخلية لتوظيف السعوديات، وهبة محلات بيع الخضار لتوظيف السعوديين، تكشف أن الخلل في ذهنية من يقترح هذه الحلول وبعده التام عن إجراء الدراسات العلمية، كي يكتشف بأن خريج الجامعة، حتى من الشباب، لم يعد يعثر على الوظيفة التي تناسب مؤهله، إلا إذا كان خريج الكيمياء الحيوية يمكن أن يعمل في محل خضار، كي يكتشف الفطريات الموجودة في الطماطم أو الخيار!
أعود إلى موضوعي، بطالة المرأة، فإذا كانت نسبة 52% من العاملات في القطاع الحكومي هن ممن يعملن في التعليم، وإذا كانت 310 آلاف امرأة مؤهلة تتنافس على 8574 وظيفة تعليمية خلال العام المنصرم 1430ه، أي أن كل 36 امرأة تتصارع على وظيفة واحدة، فهذا يعني أن القطاع الحكومي في مختلف وزاراته ومؤسساته العامة وجهاته المختلفة - باستثناء التعليم - مقصور على الرجال تقريباً، والأمر يكون أكثر سوءاً في القطاع الخاص، والسبب في ذلك، أولاً وأخيراً، يرتبط بنظرة بعض فئات المجتمع إلى المرأة، والخوف من دخولها إلى بيئات عمل مختلفة، لأسباب تبدو لهم أخلاقية، لأن كل من هؤلاء مسكون ب «فوبيا» الاختلاط، و»رهاب» الوقوف أمام امرأة، فضلاً عن التحدث معها، ويكفي الدليل على ذلك، طريقة الوجل والخجل التي تتلبس معظم السعوديين المبتعثين إلى الخارج، حينما يقابلون النساء، فيتقاطر عرقهم وكأنهم قادمون من كوكب آخر، حتى تدور بهم عجلة الطبيعة، ويتأقلمون بعد أشهر قليلة من حياتهم هناك.
الغريب أن هؤلاء، ممن يعارض عمل المرأة في مختلف بيئات العمل، هو الأعلى صوتاً، والأكثر تحدياً واتهاماً وتهديداً، فأن يختزل نائب وزير العمل أسباب عدم تفعيل قرار قصر بيع الملابس الداخلية على النساء، بأنه تعرض هو والوزير معه إلى هجوم عنيف من مجموعات حاربت هذا الأمر، يعني أن القرار وتنفيذه يعاني ضعفاً وخضوعاً لهذه المجموعات وإملاءاتها، ورغم أنني لا أرى أصلاً في هذه القرار، حتى لو تم تنفيذه أي جدوى في حل بطالة المرأة، خاصة أن 83% من العاطلات بمؤهلات جامعية، إلا أن تعطيل القرار بهذا الشكل، يعني أن القرارات تدار بواسطة الشارع، لا الجهات ومؤسسات الدولة، وحين أقول الشارع مجازاً، فإنه يعني وسائل الاتصال الحديثة، من رسائل جوال ومنتديات إنترنت وغيرها.
ما يشعرنا بالخجل، ويملؤنا بالفضيحة، أن هناك ألف عاطلة بشهادة دكتوراة من بين العاطلات ال 83% اللاتي يحملن مؤهلاً جامعياً، وهل هن أيضاً ينتظرن من يفعّل قرار محلات الملابس الداخلية كي يلتحقن للعمل فيها، فيعرضن الموديلات الجديدة من ملابس النوم ومشدّات الصدر وال ......؟