الكارثة .. يوم الخلايق نياما
خلف الحربي
وصف الدكتور عبد الواحد الحميد ارتفاع نسبة البطالة بين السعوديات إلى 28.4 في المائة مقارنة بـ6.9 في المائة للذكور بأنه كارثة في بلد يستخدم ملايين العمالة الوافدة، وبرر لـ «عكاظ» وصفه النسبة بالكارثية بوجود 78 في المائة من حاملات الشهادة الجامعية عاطلات عن العمل!. لا بد من إعادة اللقطة بالحركة البطيئة كي نستوعب الموضوع: (المسؤول الأول عن العمل يقول: إنها كارثة).. أي مصيبة زرقاء.. أي داهية سوداء.. وأظن أنكم تتفقون معي أن كل الدلائل والمؤشرات تقول بأن هذه الكارثة مستمرة وقابلة للتفاقم أكثر مما هي عليه الآن!. أعتقد أننا بحاجة الآن إلى موسيقى تصويرية مؤثرة تليق بقدوم الكارثة.. ولكن منذ متى ونحن نحفل بكون هذا الطريق يمكن أن يؤدي إلى كارثة أم لا؟، فلو كان الأمر بيدنا لوضعنا لوحات إرشادية زرقاء مكتوبا عليها (الكارثة 100 كيلومتر)!. هكذا سطحا نطحا.. وعلى عينك يا تاجر.. تطير المليارات في تعليم البنات وبعد أن يهرولن لسنوات وينلن الشهادات نقول لهن: (يا بنات.. يا أجمل الكائنات ما فات مات وما هو آتٍ ليس بآت لذا قدمن أوراقكن إلى الخطابات وحاربن الفراغ بالنواح في المنتديات ولتعلمن أن قطار العمل لا يستوعب إلا 22 في المائة من الخريجات ولا عزاء للـ78 في المائة المتبقيات)!. ولعل أجمل ما في هذه الكارثة الناعمة أن الـ 22 في المائة التي نعتقد أنهن نجون من النسبة الكارثية يسير قسم كبير منهن على حافة الجدار الفاصل بين الكارثة واللا كارثة، حيث تواجه بعض الخريجات ظروفا وظيفية صعبة مقابل راتب زهيد في مدرسة أهلية أو مركز صحي خاص.. أو أي شيء من قبيل (ألفين ريال والتأمين الصحي عليك!). لو كان لديكم الوقت لقرأت عليكم رسالة أم أصيل: «أنا من بنات هذا الوطن المعطاء ومن حملة البكالورس في الاقتصاد منذ سبع سنوات وخبرة ولم أجد وظيفة مما اضطرني للخروج يوميا تاركة أطفالي لأقوم بالبيع على رصيف أحد الأسوق التجارية (بسطة) ولكن البلدية بددت حلمي بمصادرتها لبضاعتي».. تصلح أن تكون موضوعا لفيلم وثائقي مؤثر.. أليس كذلك؟!، ولكن ما الفائدة ؟ ليس لديكم وقت لسماع هذه القصص الكارثية.. لو كان لديكم القليل من الوقت لرويت لكم قصة أقصر عن خريجة تبيع الأيسكريم مع أمها يوميا لتأمين الحاجات الأساسية لأسرتها.. هذه تصلح أن تكون قصة لفيلم روائي يفوز بالأوسكار!.
ولكننا جميعا لا نملك وقتا لتأمل الكارثة، نتركها تمر.. تتدحرج مثل كرة الثلج دون أن ننتبه إلى أن بطالة المرأة تعني إفقار الأسرة محدودة الدخل، لا نملك حلولا، لا نبتكر شيئا، نخاف أن نسلم الخريجات العاطلات جميع المدارس الابتدائية للبنين بـ(الضبة والمفتاح ) دون حاجة للفصول المختلطة ونوجه الخريجين العاطلين لمدارس البنين المتوسطة والثانوية، نتردد في تقبل فكرة أن تعمل النساء عاملات هاتف في الأجهزة الحكومية والشركات الكبرى لأننا لا نحبذ اختلاط الأصوات حتى لو كان مكان العمل معزولا، نرفض بيع النساء المستلزمات النسائية في السوق خشية الاختلاط مع المحلات المجاورة رغم أن السوق (أبو الاختلاط)، نتعامل مع الكارثة بروح رياضية نشكر عليها، نبتسم للكاميرا.. ونقول لنصف المجتمع: (معليش.. والله ما كان ودنا بس.. راحت عليكم)!.