عشر نصائح كي تصبح قائداً إداريا خائباً
د. يوسف الحزيم
(1) إليك عزيزي القائد الخائب نصائح لن تندم على تطبيقها بل ستدعو لي آناء الليل وأطراف النهار ثم قل لي بالله عليك.. كم شخصاً في الدنيا حريص عليك مثلي.. والنصائح الدْرية هي:
1) في الوظائف القيادية استقطب أو رفّع شخصيات هامشية وضعيفة كي تضمن ألا يشكل أحدهم تهديداً قيادياً لك في المستقبل، ولتلك الشخصيات مزايا من أبرزها أنه إذا أمرتها تطيع دون مناقشة، فهي ليست شريكة القرار، ثم إن الإنسان بطبيعته يبحث عن النفوذ والسلطة والشهرة، ولذا سينشغلون بهذا عن العمل والإنجاز، فيتآمر بعضهم على بعض وتكثر الغيبة والنميمة، والحقير جدا منهم سيزودك بالأخبار أول بأول وعليه ستضمن ولاء الجميع لك لأنك القوة الوحيدة والمسيطرة، وإن استطعت أن تشجع الصراع بينهم فافعل.
2) إذا حققت نجاحاً لافتا - لا قدر الله - فاسرق الأضواء لك وحدك، وأبعد من تسبب فيه، وأن استطعت أن تبعدهم عن محافل التكريم والظهور فافعل، وإذا حققت فشلاً ذريعاً فابحث عن كبش فداء واذبحه دون أن تسمي عليه، وإن استطعت ألا تستقبل القبلة فمندوب، أو ابحث عن كبش، فداء خارج المنشأة وعلق عليه الكبش وما أكثر الأعداء الذين يتآمرون عليك أيها القائد اللي ما فيه مثلك.
3) ضع حاجزاً بينك وبين الناس.. فالناس بطبيعتها تعجب بالغموض، وستتمكن من إلباس الهيبة على نفسك فتمنعهم من أن يكتشفوا ضحالة علمك وتجربتك، وإن استطعت أن تحفظ أفكارا \"\"آراء\"\" لافتة وغريبة تخدع بها أول من يلتقيك وتصدمه بها فافعل.
4) إياك إياك ثم إياك أن تقدم المصلحة العامة على مصلحتك الخاصة فالدنيا غابة يأكل القوي الضعيف، ولا تفكر في المستقبل كثيراً بل في الحاضر المعاش، وهي فرصة فاغتنمها فهي لك أو لأخيك أو للذئب، وبين حين وآخر إذا آلمك ضميرك فاحفر حفرة صغيرة وادفنه فيها وكان الله غفوراً رحيما. وإذا قال لك أحدهم الوطن.. فقل للوطن رب يحميه.
5) حجّم من نجاحات الآخرين قدر ما تستطيع لأن تلك المبادرات ستظهر عجزك وخيبتك، وبدلاً من أن تفكك أسباب نجاحها وتحاول تقليدها والتفوق عليها مما يستغرق وقتاً وجهداً كبيرين.. فما عليك إلا أن تقول تلك إنجازات زائفة، وإذا لم يصدقك من حولك وغُلبت الروم فقل الظروف مختلفة.
6) بعد برهة من الزمن ستشعر أنك في حاجة إلى إنجازات سريعة لأن مجلس الإدارة أو رئيسك الأعلى بدأوا يتساءلون، وهنا أنصحك أيها القائد (اللي ما قبله ولا بعده).. أن تتجه للإعلام وركز على الأرقام الكبيرة، فالناس تهمها الكمية لا الجودة وتهتم بالظاهر لا الباطن وبالعناوين لا التفاصيل وبالمداخلات لا المخرجات.
7) احذر احذر ثم احذر من القيادات الشابة، ولا تقل هذا صغير.. فالصغير يكبر.. انتبه لأفكاره الإبداعية والخارجة عن المألوف فضلاً عن قدرته على تحويل الأفكار إلى خطط تفصيلية وبرامج عمل، ولذا عليك أن تقضي على الفتنة في مهدها.. فالآن لن يدري به أي أحد وغداً سيدري به كل أحد. ويمكن لك أن تكون كأخ يوسف ـ عليه السلام ـ الكبير بأن يلتقطه أحد السيارة دون القضاء المبرم عليه فخذ، خيره ودعك من شره، وضع له مكتباً منزوياً معزولاً وهذا أهون الشرين. بقي شيء آخر وليس أخيراً.. احذر التدريب وإذا كنت مضطراً ولا بد، فابعث عصبيتك وجماعتك أو شخصية هزيلة تضمن ألا تعود بفائدة.
8) لا تبادر مطلقاً، فالمبادرة بها مخاطرة كبيرة جداً وقد تقع أخطاء وستلام عليها، والثناء عليك مشكوك فيه، هذا إذا فكر أحد في الثناء عليك، ولذا حافظ على الوضع الراهن، ولكن ليس بأن يصبح مهملاً بل قريب من المهمل، فاليوم مثل غد مثل بعد غد بل السنة مثل السنة التي تليها أي يوم واحد مضروب في 364 يوما، واصبر فإن الصبر والزمن كفيلان بأن يقضي على معارضيك.
9) كن تكتيكياً، وإياك والاستراتيجيات بأن تحلل الوضع الماضي والحاضر وتستشرف المستقبل فتعرف التهديدات والفرص ثم تؤمن بأن البناء يحتاج إلى جهود فرق العمل والخطط والأنظمة واللوائح والموازنات التخطيطية والقياس والتحقق من الجودة وبالتالي مأسسة العمل، كي لا تعتمد على فرد واحد.. بل قل تلك خرافات لا يمكن تطبيقها في العالم النامي فأنت وحدك المهم ومن بعدك الطوفان، ودع الناس تعرف قدرك حينما ينهار العمل، فالبناء إما بك وألا فلا.
10) لا تكن كريماً ومحفزاً فاعمل بما في المثل \"\"جوع كلبك يتبعك\"\" فالتحفيز سيظهر أنك مهتم بالعاملين أو بالقيادات الواعدة، وقد تعلمت في الحياة يا حبيبي أن هؤلاء إذا أعطيتهم وجها سيخربون، فالبشر كالآلة \"\"السيارة\"\" صب فيه بنزينا بقدر المشوار وإلا سيذهب بعيداً، وسواء حفزته أم لم تحفزه فالنتيجة واحدة، إن من ينتصر هو منطق القوة لا منطق التأثير والإلهام.
هذه عشر نصائح وسأعطيك اثنتين على البيعة:
1) أكثر من تعيين أبناء منطقتك أو أقول لك عيّن أبناء مدينتك.. أو أقولك أحسن عيّن أقاربك.. ومد في قرابتك خير من صاع في سبيل الله كما يقول المثل.. ثم دع عنك الوطن الكبير العظيم واجعله مزرعة صغيرة خلفية لمنزلك.
2) سرب معلومات وبطريقة ذكية عن طرح المناقصات أو استغل معلومات لا يعرف بها إلا عدد محدود من الناس فبيدك لا بيد عمر.. وإذا آلمك ضميرك هذه المرة فابحث عن بئر سحيقة وارم ضميرك فيه ثم أردمه بحجر كثيف حتى تضمن ألا يعود ألبتة.
لقد لاحظت - عزيزي القائد الخائب - مدى إخلاصي لك، وعندي لك من النصائح الكثيرة ولكن طول المقام يضعف الكلام ودعوتي لك أخيراً إن الله يصلحك، وأن ترمي بكل نصائحي بالبحر أو تضرب بها عرض الحائط لأني تذكرت أنك بالدنيا ستنال عقاب رئيسك أو مجلس إدارتك عاجلاً أم آجلاً كما فعل السلطان العادل في فاجعة جدة والقائل: واستصحاباً لجسامة خطب هذه الفاجعة وما خلفته من مآس لا نزال نستشعر أحداثها المؤلمة وتداعياتها حتى نقف على الحقيقة بكامل تفاصيلها لإيقاع الجزاء الشرعي الرادع على كل من ثبت تورطه أو تقصيره في هذا المصاب المفجع لا نخشى في الله لومة لائم، فعقيدتنا ثم وطننا ومواطنونا أثمن وأعز ما نحافظ عليه ونرعاه، جاعلين نصب أعيننا ما يجب علينا من إبراء الذمة أمام الله تعالى بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح لحق الوطن والمواطن وكل مقيم على أرضنا، وتخفيفاً من لوعة ذوي الضحايا الأبرياء وتعزيزاً لكرامة الشهداء - رحمهم الله - بإرساء معايير الحق والعدالة: وأما عن الآخرة فقد تذكرت قول الله تعالى: \"\"تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين\"\" سورة القصص. أيها السعوديون.. الله في الوطن، فنهضتنا الحضارية الكبرى المقبلة مرهونة بانتصارنا على الآنا \"\"الايجو\"\".