التعداد: واحد.. اثنين.. ثلاثة!
خلف الحربي
شيء لا يصدق .. التعداد السكاني قائم على نظرية عد الرؤوس: (واحد .. اثنين .. ثلاثة .. اللي بعده)، وبمجرد انتهاء عملية العد نمضي نحن (الأنفار) سعداء باحتسابنا ضمن المجموع الكلي لعدد السكان (اللهم زد وبارك).
ما اسمك؟، قل أي اسم: (لؤي .. عباس .. محماس.. دحومي المرعب.. أي شيء )، ثم سؤالين أو ثلاثة عن عمرك ومهنتك ومحل إقامتك (لايوجد سؤال عن أكلتك المفضلة؟)، وبعدها اتكل على الله .. وامض إلى حال سبيلك، وإذا صادفت خلال مسيرتك المشهودة موظفا آخر من موظفي التعداد فاطلب منه بسرعة ألا يعدك: (خلاص .. عدوني ربعك)!.
العاطلون غاضبون من التعداد بسبب عدم قبولهم في برنامج العد المؤقت يقولون: (فيها ست آلاف ريال .. وحنا على باب الكريم)، ومسؤولو التعداد يقولون إنهم فضلوا الاستعانة بالموظفين ورفضوا العاطلين كي يمكنهم الرجوع إلى جهة عمل الموظف متى ما أخطأ أو استغل عمله في التعداد بصورة غير صحيحة.
والموظفون أيضا غاضبون من التعداد لأنهم يظنون أن عملية قبول المتقدمين خضعت للواسطة، بينما يؤكد مسؤولو التعداد أنهم لم يقبلوا أحدا للعمل في التعداد إلا من خلال نتائج الاختبارات التي مر بها جميع المتقدمين (حتى في هذه المهمة الخاطفة اختبار قياس!).
حتى أولئك الذين تجاوزوا الاختبار بنجاح وتم قبولهم للعمل في برنامج التعداد السكاني وبدأوا يعدون : (واحد، اثنين، ثلاثة .. إلخ) غاضبون جدا من التعداد!، فقد اكتشفوا أن الخطة التي درسوها في المكاتب تختلف تماما عن ما وجدوه على أرض الواقع، وحين يلجأون إلى المشرفين المؤقتين يجدون أنهم أكثر حيرة منهم، وهكذا تتداخل أرقام البيوت والعمارات والشوارع .. وتضيع أعداد البشر، وفي كل مرة نبدأ من جديد: (واحد ..اثنين .. ثلاثة .. إلخ).
الشخص الفاضي يقول: لو سألوا الأحوال المدنية والجوازات لارتاحوا من كل هذا العناء، والشخص المشغول يقول: لا أحد يعرف الأرقام الحقيقية سوى شركات الاتصالات!.
ويوما بعد يوم تزداد أعداد الناس، يكبرون، يحتاجون إلى مقاعد دراسية وشاشات كمبيوتر وفرص عمل ومساكن وشوارع ووسائل نقل، ينتجون، يكسبون، يخسرون، يعمرون ويهدمون، يمرضون فيحتاجون إلى رعاية صحية، يموتون فيحتاجون إلى مقابر!.