هيبة رجل الأمن .. هيبة دولة
يقول عز من قائل في محكم التنزيل (( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )) و يقول المصطفى عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم ((مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا) .
الأمن نعمة من نعم الله على الإنسان و ضرورة من ضروريات الحياة الكريمة و السعيدة للإنسان و الأمن و الجريمة علاقتهما طردية فكلما زاد مستوى الأمن قلة الجريمة و العكس صحيح .
و الأمن الذي ننشده للحفاظ على أرواحنا و ممتلكاتنا و العيش في هدوء و سعادة المسئول عن حفظه بعد الله هم رجال الأمن في بلدنا فهم من يسعى لتطبيق الأنظمة و هم من يباشر الجرائم و الحوادث وهم من يقومون بالمخاطرة بأنفسهم لإلقاء القبض على المجرمين فرجل الأمن له دور هام في منظومة حفظ الأمن . سابقاً كانت هنالك هيبة كبيرة لرجل الأمن لدى المواطنين و إحترام يسوده نوع من الخوف و كان هنالك دور فاعل من رجال الأمن في صنع هذا الإحترام و الهيبة لدى المواطنين من خلال تفهمهم لواجباتهم و تطبيقها بشكل جيد و حسن التصرف و الحكمة في التعامل مع المواقف وحسن التعامل مع المواطن و كذلك إعتزازهم بالزي العسكري الذي يرتدونه و حب إنتمائهم للجهة التي ينتمون لها فكانوا حريصين على أن لا يفعل أي رجل منهم تصرف مشين قد يؤثر على سمعة الجهة التي يتبع لها إضافة للأنظمة السابقة التي كانت تقف في صف رجل الأمن و تساعده في زرع تلك الهيبة , و في الوقت الحالي تغير الوضع و لم تعد تلك الهيبة موجودة بشكل كبير و العوامل المتعلقة بذلك كثيرة منها ما هو متعلق بالمواطن و منها ما هو متعلق برجل الأمن و منها ما هو متعلق ببعض الأنظمة .
ما جعلني أبدأ بالسطور السابقة هي ملاحظة عدم الإكتراث من الشباب بتواجد رجال الأمن وعدم إحترامهم و أحياناً تصل للتهجم عليهم . يجب أن يكون لدينا كمواطنين ثقافة في التعامل مع رجال الأمن مبنية على الإحترام و التقدير و تفهم كلاً منا لدور الأخر و إن كان هنالك خطأ أو تجاوز من رجال الأمن فهنالك جهات مسئولة عن محاسبتهم و ليس مقبولاً على الإطلاق التهجم لفظاً أو فعلاً على رجل أمن يرتدي بدلته العسكرية التي تمثل جهة رسمية من أجهزة الدولة و التي لها إحترامها ناهيك عما سيحدثه ذلك من تقليل و إستهتار برجال الأمن من قبل الأجانب في البلد عندما يشاهدوننا نتطاول على العيون الساهرة في بلدنا . أعلم أن هنالك أفراد و ضباط في أجهزة الأمن وهم قلة لهم دور في التقليل من هيبة الجهاز الذي يتبعون له من خلال بعض التصرفات التي تستفز المواطن و التعامل مع المواطن بتعالي وعدم إحترام و لكنها حقيقةً تعتبر حالات قليلة و شاذه لذا يجب أن يكون هنالك دور للمسئولين عنهم في توعيتهم و تدريبهم على كيفية التعامل الجيد و اللبق مع المواطن و الدور أيضاً لا يقف على توعية وتثقيف رجل الأمن فالمواطن يجب أن يتم توعيته و تثقيفه بأهمية دور رجال الأمن و أنهم من يسهرون لحفظ أمننا و يأتي ذلك من خلال دور وسائل الإعلام و المدارس في ذلك .
يجب أن يكون هنالك حفظ لحقوق المواطن عن حدوث تجاوز أو خطأ من قبل رجل الأمن كما يجب أن يكون هنالك حساب رادع للمواطن أو المقيم الذي يتهجم على رجل أمن لتبقى هيبة رجل الأمن و حتى لا يتولد لديه شعور بأنه في حالة تهجم أي شخص عليه لن يتم إنصافه منه و بالتالي يقل حماسه و إخلاصه في العمل وعدم التفاعل مع الوقائع و الجرائم فيقل معها مستوى الأمن و بالتالي المواطنون هم الخاسرون من ذلك . المواطن و رجل الأمن جميعهم أبناء وطن لكلِ منهم دور يؤديه لخدمة هذا الوطن فيجب أن تبنى العلاقة على الإحترام و التقدير و ينبغي على رجال الأمن زرع إحترامهم في نفوس المواطنين من خلال تفاعلهم و تعاملهم الراقي.
اللهم أحفظ أمننا و إستقرارنا و إكفنا شر الفتن ما ظهر منها و ما بطن . و الله من وراء القصد .
مشعل بن مناحي بن القعيمه