قدوتان عبرتا الحياة بخيمة الكشافة.. السميط ونصيف ومسيرة لا تنطفئ
نبأ مبارك بن عوض الدوسري في لحظة صامتة من تاريخ الكشافة الإسلامية، طوى الرحيل صفحتين من أنبل صفحاتها، وغابت ابتسامتان كانتا تُضيئان دروب الخدمة والبذل والإيمان برسالة الكشفية السامية؛ رحل الدكتور عبدالرحمن حمود السميط، ورحل من بعده الدكتور عبدالله عمر نصيف، لكن أثرهما باقٍ في القلوب والعقول، يرويان للأجيال قصة رجلين جمعتهما القيم قبل الرفقة، والإيمان قبل الألقاب، والعمل قبل الظهور.
كلاهما وُلد على فطرةٍ طاهرةٍ حملت في جوهرها حبّ الخير، ونشأ في بيئةٍ غرست فيه التواضع والإقدام ؛وبين جنبات الحركة الكشفية، ووسط أجواء الخيام والرحلات والمعسكرات، بدأ الوعي الإنساني والقيادي يتشكل في شخصيتيهما؛ فكانت الكشافة المدرسة الأولى التي علّمتهما معنى العطاء في صمت، والصبر في سبيل الرسالة، والتضحية دون انتظار مقابل.
عبدالرحمن السميط، ابن الكويت، الذي عرفته القوافل الدعوية والإغاثية في أرجاء إفريقيا، بدأ مسيرته في فرقة "اليرموك الكشفية" وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة ؛هناك، تعلّم الجلد، والاعتماد على النفس، ومهارة الصبر على الشدائد ؛ حمل حقيبته القليلة الزاد، وجال مناطق البحر المتوسط بروح المغامر المؤمن، ليخرج منها بزادٍ من التجارب لم ينسه حتى وهو يواجه أمراض الغربة ومشاق الدعوة ؛كانت الكشافة تصقله وتُهيئه لما ينتظره لاحقاً من ابتلاءات وصعاب في ميادين إفريقيا، حيث كان يرى في الطفل اليتيم والمريض الجائع وجه الإنسانية الذي لا بد أن يُرسم عليه الأمل.
أما عبدالله عمر نصيف، ابن جدة، فقد كانت رحلته الكشفية أكثر انتظاماً وتدرجاً، لكنها لم تكن أقل وهجاً ؛التحق بالحركة الكشفية منذ دراسته الثانوية في خمسينيات القرن الماضي، وتدرج حتى أصبح قائداً لعشيرة الجوالة بجامعة الملك سعود، ثم أحد أبرز رموز الكشفية على المستوى العربي والعالمي ؛من "جلويل بارك" في بريطانيا إلى رئاسة اللجنة الكشفية العربية، كان نصيف يؤمن أن الكشفية ليست مجرد نشاط شبابي، بل "مدرسة إعدادٍ إسلاميٍّ متكامل"، تُنبت الفتى المسلم القادر على مواجهة الحياة بثقةٍ وإيمان، كما كان يردد في أحاديثه ومشاركاته.
وجمع القدر بين الرجلين في أكثر من ملمح: كلاهما فاز بـ جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، وكلاهما آمن أن الكشافة يمكن أن تكون وسيلة تربوية راقية لتنشئة الشباب على مبادئ الإسلام في العمل، والتعاون، والإخلاص، ونكران الذات؛ كلاهما حمل رؤية واحدة: أن "الكشفية سبيل إلى الإنسان الكامل"، وأنها تُعدّ الشباب إعداداً يوازن بين الروح والعقل والعمل، ليصبحوا لبناتٍ صالحة في مجتمعاتهم.
برحيلهما، خسرت الكشافة الإسلامية صوتين نادرين في زمنٍ أصبحت فيه الأضواء تُغري أكثر من الرسالة، والمناصب تلمع أكثر من المبدأ؛ كانا يرفضان "الفلاشات" ويبحثان عن الأثر؛ يؤمنان أن القائد الحقيقي هو من يعيش بين الناس، ويغرس فيهم القيم لا الكلمات.
لقد كان السميط ونصيف مثالين حيين لمعنى القدوة، لم تزرع الكشافة فيهما حبّ الطبيعة فقط، بل حبّ الإنسان؛ واليوم ندرك أن تعويض أمثالهما ليس بالأمر الهيّن، وأن ما قدماه سيظلّ مرجعاً أخلاقياً وروحياً لكل من أراد أن يكون في الكشافة "داعية بالفعل"، لا بالقول.
رحلا، لكن إرثهما لا يُمحى؛ سيبقى كل مخيمٍ كشفيٍّ، وكل شارةٍ ورايةٍ، تذكّر بأن الكشفية الحقيقية ليست نشاطاً موسمياً، بل رسالة إنسانية خالدة... تلك التي جسّدها السميط ونصيف، علماً وعملاً، حتى آخر لحظة من حياتهما.
كلاهما وُلد على فطرةٍ طاهرةٍ حملت في جوهرها حبّ الخير، ونشأ في بيئةٍ غرست فيه التواضع والإقدام ؛وبين جنبات الحركة الكشفية، ووسط أجواء الخيام والرحلات والمعسكرات، بدأ الوعي الإنساني والقيادي يتشكل في شخصيتيهما؛ فكانت الكشافة المدرسة الأولى التي علّمتهما معنى العطاء في صمت، والصبر في سبيل الرسالة، والتضحية دون انتظار مقابل.
عبدالرحمن السميط، ابن الكويت، الذي عرفته القوافل الدعوية والإغاثية في أرجاء إفريقيا، بدأ مسيرته في فرقة "اليرموك الكشفية" وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة ؛هناك، تعلّم الجلد، والاعتماد على النفس، ومهارة الصبر على الشدائد ؛ حمل حقيبته القليلة الزاد، وجال مناطق البحر المتوسط بروح المغامر المؤمن، ليخرج منها بزادٍ من التجارب لم ينسه حتى وهو يواجه أمراض الغربة ومشاق الدعوة ؛كانت الكشافة تصقله وتُهيئه لما ينتظره لاحقاً من ابتلاءات وصعاب في ميادين إفريقيا، حيث كان يرى في الطفل اليتيم والمريض الجائع وجه الإنسانية الذي لا بد أن يُرسم عليه الأمل.
أما عبدالله عمر نصيف، ابن جدة، فقد كانت رحلته الكشفية أكثر انتظاماً وتدرجاً، لكنها لم تكن أقل وهجاً ؛التحق بالحركة الكشفية منذ دراسته الثانوية في خمسينيات القرن الماضي، وتدرج حتى أصبح قائداً لعشيرة الجوالة بجامعة الملك سعود، ثم أحد أبرز رموز الكشفية على المستوى العربي والعالمي ؛من "جلويل بارك" في بريطانيا إلى رئاسة اللجنة الكشفية العربية، كان نصيف يؤمن أن الكشفية ليست مجرد نشاط شبابي، بل "مدرسة إعدادٍ إسلاميٍّ متكامل"، تُنبت الفتى المسلم القادر على مواجهة الحياة بثقةٍ وإيمان، كما كان يردد في أحاديثه ومشاركاته.
وجمع القدر بين الرجلين في أكثر من ملمح: كلاهما فاز بـ جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، وكلاهما آمن أن الكشافة يمكن أن تكون وسيلة تربوية راقية لتنشئة الشباب على مبادئ الإسلام في العمل، والتعاون، والإخلاص، ونكران الذات؛ كلاهما حمل رؤية واحدة: أن "الكشفية سبيل إلى الإنسان الكامل"، وأنها تُعدّ الشباب إعداداً يوازن بين الروح والعقل والعمل، ليصبحوا لبناتٍ صالحة في مجتمعاتهم.
برحيلهما، خسرت الكشافة الإسلامية صوتين نادرين في زمنٍ أصبحت فيه الأضواء تُغري أكثر من الرسالة، والمناصب تلمع أكثر من المبدأ؛ كانا يرفضان "الفلاشات" ويبحثان عن الأثر؛ يؤمنان أن القائد الحقيقي هو من يعيش بين الناس، ويغرس فيهم القيم لا الكلمات.
لقد كان السميط ونصيف مثالين حيين لمعنى القدوة، لم تزرع الكشافة فيهما حبّ الطبيعة فقط، بل حبّ الإنسان؛ واليوم ندرك أن تعويض أمثالهما ليس بالأمر الهيّن، وأن ما قدماه سيظلّ مرجعاً أخلاقياً وروحياً لكل من أراد أن يكون في الكشافة "داعية بالفعل"، لا بالقول.
رحلا، لكن إرثهما لا يُمحى؛ سيبقى كل مخيمٍ كشفيٍّ، وكل شارةٍ ورايةٍ، تذكّر بأن الكشفية الحقيقية ليست نشاطاً موسمياً، بل رسالة إنسانية خالدة... تلك التي جسّدها السميط ونصيف، علماً وعملاً، حتى آخر لحظة من حياتهما.
