قصة رجل حمل النور ومضى
نبأ مبارك بن عوض الدوسري في بيتٍ تنبض جدرانه بالعلم والمهابة، ويفوح في أركانه عبق الحجاز وأصالة جدة القديمة، وُلد فتى قُدر له أن يكون شاهداً على زمنٍ يتحول، وأن يكون هو أحد الذين يسهمون في صياغته؛ ذلك الفتى هو عبدالله عمر نصيف، الذي ما إن فتح عينيه حتى وجد نفسه في بيتٍ يُقصد من العلماء والأمراء وأهل الفكر والرأي، فامتلأت ذاكرته منذ الصغر بصور الرجال الذين حملوا همّ الأمة وأمانة الكلمة.
كان قلبه معلقاً بالمعرفة، وروحه تميل إلى التأمل أكثر من اللهو، فمضى في دروب التعليم يقتفي أثر والده وجده، حتى حمل شهاداته من أعرق الجامعات في الداخل والخارج، غير أن العلم عنده لم يكن غايةً في ذاته، بل سلّماً يرتقي به إلى خدمة الناس والوطن والدين.
حين عاد من غربته العلمية في بريطانيا، لم يعد باحثاً فحسب، بل عاد حاملاً رؤية أوسع من تخصصه الدقيق في الجيولوجيا؛ عاد مؤمناً بأن الإنسان هو أعظم اكتشاف على وجه الأرض، وأن بناء العقول لا يقل قداسة عن اكتشاف المعادن؛ ومن قاعات الجامعات إلى مكاتب المسؤولية، كان حيث يُستدعى، وحيث يُحتاج إليه، دائماً حاضراً بالعقل الرصين والكلمة الهادئة والنظرة البعيدة.
عرفه الناس مديراً لجامعةٍ كبرى، وأميناً عاماً لرابطةٍ جمعت شتات الأمة، ونائباً لرئيس مجلسٍ تشريعي رفيع، لكن الذين اقتربوا منه أكثر كانوا يرونه شيئاً آخر: إنساناً بسيطاً يحمل همّ الجميع، يفتح قلبه قبل مكتبه، ويبتسم قبل أن يتحدث، يمد يده دون أن ينتظر عرفاناً، ويصغي لكل رأي مهما اختلف معه صاحبه.
في المجالس كان صوت الحكمة، وفي الحوارات كان مرجع التوازن، لا يرفع صوته، ولا يجرح خصماً، بل يجعل من الخلاف طريقاً إلى الفهم؛ حتى الذين خالفوه، خرجوا من مجالسته وهم يوقنون أن في قلبه مساحة تتسع لهم جميعاً.
لم يكن الدكتور عبدالله نصيف – رحمه الله – مجرد إداري ناجح أو عالم موسوعي، بل كان قدوة في إنسانية القائد، ومثالاً للرجل الذي جمع بين الدين والعلم والفكر والعمل الخيري، فحيثما حلّ ترك أثراً، وحيثما تولى عملاً جعله منبراً للخير والإصلاح.
ومن بين إنجازاته الباهرة، كانت بصماته في العمل الإنساني والإغاثي تتلألأ كنجوم الهداية في ليل المحتاجين، إذ آمن بأن “الإسلام لا يكون قولاً حتى يُترجم فعلاً”، فأسس المشروعات، وأطلق المبادرات، وبذل جهده في سبيل الفقراء والمنكوبين في أطراف الأرض.
ومع أن المناصب تتابعت عليه، إلا أنه ظل كما كان في بدايته: متواضعاً كطالب علمٍ في أول الطريق، وهادئاً كمن يعرف أن العظمة لا تصرخ، بل تُسمع همساً في فعلٍ صادق وسيرةٍ طيبة.
رحل الدكتور عبدالله نصيف بعد أن كتب على صفحات حياته سطوراً من الوفاء والصفاء، وترك خلفه إرثاً يتجاوز الألقاب والمناصب.
رحل كما يعيش الكبار: هادئاً، شامخاً، ومضيئاً.
لكن أثره باقٍ في كل من عرفه، وفي كل مشروعٍ حمل بصمته، وفي كل شابٍ ألهمه حلمه بأن العمل لأجل الناس هو أسمى درجات العبادة.
سلامٌ على رجلٍ حمل النور ومضى، وسلامٌ على سيرةٍ تظلّ تتحدث ما بقي في الأمة رجالٌ من طين الصدق وماء الإخلاص.
كان قلبه معلقاً بالمعرفة، وروحه تميل إلى التأمل أكثر من اللهو، فمضى في دروب التعليم يقتفي أثر والده وجده، حتى حمل شهاداته من أعرق الجامعات في الداخل والخارج، غير أن العلم عنده لم يكن غايةً في ذاته، بل سلّماً يرتقي به إلى خدمة الناس والوطن والدين.
حين عاد من غربته العلمية في بريطانيا، لم يعد باحثاً فحسب، بل عاد حاملاً رؤية أوسع من تخصصه الدقيق في الجيولوجيا؛ عاد مؤمناً بأن الإنسان هو أعظم اكتشاف على وجه الأرض، وأن بناء العقول لا يقل قداسة عن اكتشاف المعادن؛ ومن قاعات الجامعات إلى مكاتب المسؤولية، كان حيث يُستدعى، وحيث يُحتاج إليه، دائماً حاضراً بالعقل الرصين والكلمة الهادئة والنظرة البعيدة.
عرفه الناس مديراً لجامعةٍ كبرى، وأميناً عاماً لرابطةٍ جمعت شتات الأمة، ونائباً لرئيس مجلسٍ تشريعي رفيع، لكن الذين اقتربوا منه أكثر كانوا يرونه شيئاً آخر: إنساناً بسيطاً يحمل همّ الجميع، يفتح قلبه قبل مكتبه، ويبتسم قبل أن يتحدث، يمد يده دون أن ينتظر عرفاناً، ويصغي لكل رأي مهما اختلف معه صاحبه.
في المجالس كان صوت الحكمة، وفي الحوارات كان مرجع التوازن، لا يرفع صوته، ولا يجرح خصماً، بل يجعل من الخلاف طريقاً إلى الفهم؛ حتى الذين خالفوه، خرجوا من مجالسته وهم يوقنون أن في قلبه مساحة تتسع لهم جميعاً.
لم يكن الدكتور عبدالله نصيف – رحمه الله – مجرد إداري ناجح أو عالم موسوعي، بل كان قدوة في إنسانية القائد، ومثالاً للرجل الذي جمع بين الدين والعلم والفكر والعمل الخيري، فحيثما حلّ ترك أثراً، وحيثما تولى عملاً جعله منبراً للخير والإصلاح.
ومن بين إنجازاته الباهرة، كانت بصماته في العمل الإنساني والإغاثي تتلألأ كنجوم الهداية في ليل المحتاجين، إذ آمن بأن “الإسلام لا يكون قولاً حتى يُترجم فعلاً”، فأسس المشروعات، وأطلق المبادرات، وبذل جهده في سبيل الفقراء والمنكوبين في أطراف الأرض.
ومع أن المناصب تتابعت عليه، إلا أنه ظل كما كان في بدايته: متواضعاً كطالب علمٍ في أول الطريق، وهادئاً كمن يعرف أن العظمة لا تصرخ، بل تُسمع همساً في فعلٍ صادق وسيرةٍ طيبة.
رحل الدكتور عبدالله نصيف بعد أن كتب على صفحات حياته سطوراً من الوفاء والصفاء، وترك خلفه إرثاً يتجاوز الألقاب والمناصب.
رحل كما يعيش الكبار: هادئاً، شامخاً، ومضيئاً.
لكن أثره باقٍ في كل من عرفه، وفي كل مشروعٍ حمل بصمته، وفي كل شابٍ ألهمه حلمه بأن العمل لأجل الناس هو أسمى درجات العبادة.
سلامٌ على رجلٍ حمل النور ومضى، وسلامٌ على سيرةٍ تظلّ تتحدث ما بقي في الأمة رجالٌ من طين الصدق وماء الإخلاص.