الفردية و غياب الفضول المعرفي
إن لغياب الفضول المعرفي أضرار شاسعة تمتد لتكون من أسباب التخلف الحضاري. كلنا نعلم أن للمعرفة أثر في التقدم الحضاري فهي تساهم في مواكبة التقدم العالمي في المعرفة في شتى أنواعها من العلوم الطبيعية والانسانية و الدينية و منها إلى تفعيل العلم ليكون معرفة نافعة تؤدي لمنافع و اكتشافات متعددة ، فالعلم وحدة قد لا يكفي للنهوض بالمجتمعات المتأخرة بل بتوظيف هذا العلم والذي بالإمكان اكتسابه من مصادر متنوعة في عصرنا الحالي وهو بالطبع يتطلب وقتاً لتحصيله و من ثم توظيف هذا العلم ليكون شاهداً مساهماً في التقدم الحضاري وهنا تأتي أهمية الخبرة ، ولكن هل تكفي المعرفة للقضاء على التخلف؟!
إن لتعزيز الفضول المعرفي بالمجتمعات أثرٌ كبير ، وهو ظاهر لدى المجتمعات المتقدمة ، فتجدهم في انشغال مستمر و كفاح لتحقيق أهدافهم التي حددوها مسبقاً أو على الأقل لديهم فكرة واضحة عمّا يريدون ، فالاهتمام بالفردية يساهم في النهضة المعرفية و عند غياب الفضول المعرفي تُقتل الفردية.
إن الأسباب التي أدت إلى التدهور الحضاري عند المجتمعات المتأخرة هي أسباب متداخلة و كثيرة ، ومن المهم أن نبحث عنها و نحاول التعامل معها بجدية ، ولننظر كمثال بسيط في بعض المجالس ، نجد شخص ما يرد على أي فكرة أو طرح مختلف من الآخر ، لا أتحدث عن الحوار هنا ولكن عن الرفض وفرض الرفض! ففي بيئة تنتهج هذا النمط في التعامل سواء كانت البيت أو المدرسة وقس على ذلك أي بيئة أخرى , فمثل هذه البيئة تدمر الفردية وبطبيعة الحال الفضول المعرفي معها.
فلقد أصبح من المهم أن نجاهد أنفسنا لتعلم أسس الحوار و أن نتفهم الآخر وأن نتقبل الاختلاف ، ليكن لدينا شيء من السعة ، فلا يمكن أن نحصر فكر الناس في قوالب جاهزة لتنتج لنا نسخاً متكررة تساهم في زيادة التخلف.
إن للبيئة التعليمية الحرة دور فعال في زيادة الفضول المعرفي ، فلا خوف من النقاش ولا الاجتهاد في أي موضوع كان ، ففي مثل هذه البيئة فقط ينمو الفضول المعرفي و الذي يعزز بدوره الفردية و التي منها ينطلق المجتمع نحو مواكبة الحضارة و تحدياتها.